كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج



وَأَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُحَقِّقُ الْمَحَلِّيُّ مِمَّا لَا يُمْكِنُ خِلَافُهُ عِنْدَ أُولِي الْأَلْبَابِ.
(قَوْلُهُ: إلَّا بِمَعْرِفَةِ جَمْعٍ يَبْلُغُونَ حَدَّ التَّوَاتُرِ) قَدْ يُقَالُ: بُلُوغُ الْجَمْعِ الْمَذْكُورِ حَدَّ التَّوَاتُرِ لَا يُفِيدُ الْقَطْعَ إلَّا إذَا اسْتَنَدَتْ مَعْرِفَتُهُ إلَى التَّوَاتُرِ عَنْ جَمْعٍ مِنْ الْعَرَبِ يَبْلُغُونَ ذَلِكَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا غَيْرُ مُتَحَقِّقٍ فِي جَمِيعِ مَسَائِلِ اللُّغَةِ وَالنَّحْوِ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: وَيُرَدُّ بِأَنَّ كُتُبَهَا مُتَوَاتِرَةٌ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ: إنْ أُرِيدَ تَوَاتُرُ كُتُبِهَا مِنْ مُصَنِّفِيهَا إلَيْنَا لَمْ يُفِدْ أَوْ تَوَاتَرَ مَا فِيهَا عَنْ الْعَرَبِ بِأَنْ كَانَ مَا فِيهَا نَقَلَهُ جَمْعٌ مِنْ النُّحَاةِ مَثَلًا بَلَغَ حَدَّ التَّوَاتُرِ عَنْ جَمْعٍ مِنْ الْعَرَبِ كَذَلِكَ، فَإِنَّ هَذَا هُوَ الْمُفِيدُ لِلْقَطْعِ فَهُوَ مَمْنُوعٌ كُلِّيًّا لِظُهُورِ أَنَّهُ فِي كَثِيرٍ مِنْهَا لَيْسَ كَذَلِكَ، فَهَذَا الرَّدُّ كَمَا تَرَى ثُمَّ إنْ أُجِيبَ عَنْ الْبَحْثِ بِأَنَّ تَوَاتُرَ الْقُرْآنِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُغْنٍ عَنْ اللُّغَةِ لِلْقَطْعِ بِصِحَّةِ مَا تَوَاتَرَ عَنْهُ وَعِصْمَتُهُ عَنْ الْخَلَلِ فِيهِ فَإِنْ فَرَضَ عَدَمَ تَوَاتُرِ بَعْضِ كَيْفِيَّاتِهِ لَمْ يَحْتَجْ فِيهَا لِتَوَاتُرِ اللُّغَةِ، وَرُدَّ عَلَيْهِ أَنَّ تَوَاتُرَ الْقُرْآنِ إنَّمَا يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا خَلَلَ فِيهِ، وَأَمَّا تَمْيِيزُ الْفَاعِلِ مِنْ الْمَفْعُولِ وَالْمُبْتَدَأِ مِنْ غَيْرِهِ، وَهَكَذَا مَعَ تَوَقُّفِ الْمَعْنَى عَلَى ذَلِكَ التَّمْيِيزِ فَلَا يُعْلَمُ مِنْ تَوَاتُرِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْمَعْنَى ظَنِّيٌّ فَيَكْفِي مَعْرِفَتُهُ بِالْآحَادِ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ بِوَكِيلِهِ) يَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ بِمَعْرِفَةِ الْوَكِيلِ الْمُبَاشِرِ لِذَلِكَ الْفِعْلِ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَدْخُلَا) أَيْ: فِي الْفَرْضِ.
(قَوْلُهُ: فَحِينَئِذٍ هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى تَفْسِيرٍ وَلَا فَسَادَ إلَخْ) يُجَابُ بِأَنَّ الْكَافَ اسْتِقْصَائِيَّةٌ أَوْ بِاعْتِبَارِ الْأَفْرَادِ الذِّهْنِيَّةِ، وَبِأَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى عُلُومٍ وَلَا فَسَادَ؛ لِأَنَّ غَايَتَهُ أَنَّهُ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ لِنُكْتَةٍ كَإِظْهَارِ مِزْيَتِهَا وَالِاهْتِمَامِ بِشِدَّةِ الْحَاجَةِ إلَيْهَا وَمِثْلُ ذَلِكَ فِي غَايَةِ الْحُسْنِ.
(قَوْلُهُ: زَائِدٌ إلَخْ) سَيَذْكُرُ مُحْتَرَزَهُ بِقَوْلِهِ: أَمَّا مَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: بِأَنْ يَكُونَ مُجْتَهِدًا إلَخْ) وَيَأْتِي أَنَّ الِاجْتِهَادَ الْمُطْلَقَ انْقَطَعَ مِنْ نَحْوِ ثَلَثِمِائَةِ سَنَةٍ فَلَا يُشْتَرَطُ فِي هَذِهِ الْأَزْمِنَةِ.
(قَوْلُهُ: وَمَا يَتَوَقَّفُ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى عُلُومِ الشَّرْعِ، وَقَوْلُهُ: ذَلِكَ أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ التَّفْسِيرِ وَالْحَدِيثِ وَالْفُرُوعِ.
(قَوْلُهُ: مِنْ عُلُومِ الْعَرَبِيَّةِ) بَيَانٌ لِمَا الْمَوْصُولَةِ.
(قَوْلُهُ: وَغَيْرُ ذَلِكَ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَشَرْحُ الرَّوْضِ وَمِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ عِلْمُ الطِّبِّ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ لِمُعَالَجَةِ الْأَبْدَانِ وَالْحِسَابُ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ لِقِسْمَةِ الْمَوَارِيثِ وَالْوَصَايَا وَالْمُعَامَلَاتُ وَأُصُولُ الْفِقْهِ وَالنَّحْوُ وَاللُّغَةُ وَالتَّصْرِيفُ وَأَسْمَاءُ الرُّوَاةِ وَالْجَرْحُ وَالتَّعْدِيلُ وَاخْتِلَافُ الْعُلَمَاءِ وَاتِّفَاقُهُمْ. اهـ.
(قَوْلُهُ: بِذَلِكَ كُلِّهِ إلَخْ) أَيْ: بِمَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ ذَلِكَ. اهـ. رَشِيدِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَبِمَا تَقَرَّرَ) أَيْ: مِنْ قَوْلِهِ: وَمَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ شَارِحٍ) وَهُوَ الْجَلَالُ الْمَحَلِّيُّ جَعَلَهُ مُتَعَلِّقًا بِالْفُرُوعِ خَاصَّةً وَصَوَّبَهُ سم وَأَطَالَ فِي تَوْجِيهِهِ بِمَا يُعْرَفُ بِمُرَاجَعَتِهِ. اهـ. رَشِيدِيٌّ وَأَقَرَّهُ الْمُغْنِي عِبَارَتُهُ قَالَ الشَّارِحُ: وَعَرَّفَ أَيْ: الْمُصَنِّفُ الْفُرُوعَ أَيْ: بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ دُونَ مَا قَبْلَهُ لِمَا ذَكَرَهُ بَعْدَهُ، وَهُوَ قَوْلُهُ: بِحَيْثُ يَصْلُحُ لِلْقَضَاءِ؛ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ عَوْدُهُ لِمَا قَبْلَهُ أَيْضًا. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَيُرَدُّ بِأَنَّ كُتُبَهَا مُتَوَاتِرَةٌ إلَخْ) نَظَرَ فِيهِ سم رَاجِعْهُ.
(قَوْلُهُ: وَلَا يَكْفِي فِي إقْلِيمٍ) إلَى قَوْلِهِ: وَعَلَيْهِ حُمِلَ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: وَلَوْ بِوَكِيلِهِ.
(قَوْلُهُ: لَا يَزِيدُ بَيْنَ كُلِّ مُفْتِيَيْنِ عَلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ) أَيْ: لِئَلَّا يُحْتَاجَ إلَى قَطْعِهَا. اهـ. مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: لِكَثْرَةِ الْخُصُومَاتِ) أَيْ: وَتَكَرُّرِهَا فِي الْيَوْمِ الْوَاحِدِ مِنْ كَثِيرِينَ. اهـ. مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: أَمَّا مَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالرَّوْضِ مَعَ شَرْحِهِ وَيَتَعَيَّنُ مِنْ ظَوَاهِرِ الْعُلُومِ لَا دَقَائِقِهَا مَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ لِإِقَامَةِ فَرَائِضِ الدِّينِ كَأَرْكَانِ الصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ وَشُرُوطِهِمَا، وَإِنَّمَا يَجِبُ تَعَلُّمُهُ بَعْدَ الْوُجُوبِ، وَكَذَا قَبْلَهُ إذَا لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ تَعَلُّمِهِ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ مَعَ الْفِعْلِ وَكَأَرْكَانِ الْحَجِّ وَشُرُوطِهِ وَتَعَلُّمِهَا عَلَى التَّرَاخِي كَالْحَجِّ وَكَالزَّكَاةِ إنْ مَلَكَ مَالًا، وَلَوْ كَانَ هُنَاكَ سَاعٍ وَأَحْكَامِ الْبَيْعِ وَالْقِرَاضِ إنْ أَرَادَ أَنْ يَبِيعَ وَيُتَاجِرَ فَيَتَعَيَّنُ عَلَى مَنْ يُرِيدُ بَيْعَ الْخُبْزِ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ خُبْزِ الْبُرِّ بِالْبُرِّ وَلَا بِدَقِيقِهِ وَعَلَى مَنْ يُرِيدُ الصَّرْفَ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ دِرْهَمٍ بِدِرْهَمَيْنِ وَنَحْوَ ذَلِكَ، وَأَمَّا أُصُولُ الْعَقَائِدِ، فَالِاعْتِقَادُ الْمُسْتَقِيمُ مَعَ التَّصْحِيحِ عَلَى مَا وَرَدَ بِهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ فَفَرْضُ عَيْنٍ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ بِوَكِيلِهِ) يَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ بِمَعْرِفَةِ الْوَكِيلِ الْمُبَاشِرِ لِذَلِكَ الْفِعْلِ سم.
(قَوْلُهُ: يَنْبَغِي زَوَالُ الْحُرْمَةِ إلَخْ) وَلَوْ لَمْ يُفْتِ الْمُفْتِي، وَهُنَاكَ مَنْ يُفْتِي وَهُوَ عَدْلٌ لَمْ يَأْثَمْ فَلَا يَلْزَمُهُ الْإِفْتَاءُ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُعَلِّمُ كَذَلِكَ. اهـ. مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: أَنَّهَا) أَيْ: الْأَحْكَامَ الظَّاهِرَةَ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: عَلَيْهِ) أَيْ: التَّعْلِيمِ وَالْجَارُّ مُتَعَلِّقٌ بِيَجْبُرُ.
(قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يَتَوَجَّهُ) إلَى قَوْلِهِ: وَبِقَوْلِهِ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: وَوَقَعَ إلَى، وَأَوْجَهُهُمَا وَإِلَى قَوْلِهِ: فَحِينَئِذٍ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ: وَوَقَعَ إلَى وَأَوْجَهُهُمَا وَقَوْله: مَا قَدَّمْنَاهُ فِي الْخُطْبَةِ.
(قَوْلُهُ: مَكْفِيٍّ) أَيْ: قَادِرٍ عَلَى الِانْقِطَاعِ بِأَنْ يَكُونَ لَهُ كِفَايَةٌ. اهـ. مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: لَا يَسْقُطُ) أَيْ: فَرْضُ الْفَتْوَى بِهِ أَيْ: بِالْفَاسِقِ.
(قَوْلُهُ: وَيَسْقُطُ بِالْعَبْدِ وَالْمَرْأَةِ إلَخْ) لِأَنَّهُمَا أَهْلٌ لِلْفَتْوَى دُونَ الْقَضَاءِ. اهـ. مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَدْخُلَا) أَيْ فِي الْفَرْضِ. اهـ. سم.
(قَوْلُهُ: عَنْهُ) أَيْ الْمَاوَرْدِيِّ.
(قَوْلُهُ: وَأَوْجَهُهُمَا إلَخْ) كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي كَمَا مَرَّ التَّنْبِيهُ إلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: بِالنِّسْبَةِ إلَيْهَا) أَيْ إلَى دَرَجَةِ الِاجْتِهَادِ الْمُطْلَقِ وَإِنْ كَانُوا مُجْتَهِدِينَ فِي الْمَذْهَبِ وَالْفَتْوَى بَلْ هَذَانِ أَيْضًا عِزًّا بَلْ عَدَمًا مِنْ زَمَنٍ طَوِيلٍ. اهـ. إمْدَادٌ.
(قَوْلُهُ وَيَرُدُّهُ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَيُجَابُ عَنْهُ بِصِحَّةِ ذَلِكَ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا أَمَّا: الْأَوَّلُ فَتَكُونُ الْكَافُ اسْتِقْصَائِيَّةً أَيْ أَوْ بِاعْتِبَارِ الْأَفْرَادِ الذِّهْنِيَّةِ وَأَمَّا: الثَّانِي؛ فَلِأَنَّهُ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ اهْتِمَامًا بِشَأْنِهِ وَقَدْ يُقَالُ عُلُومُ الشَّرْعِ قَدْ يُرَادُ بِهَا إلَخْ.
(وَ) مِنْهَا إجْمَاعًا عَلَى قَادِرٍ أَمِنَ عَلَى نَفْسِهِ وَعُضْوِهِ وَمَالِهِ وَإِنْ قَلَّ كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُهُمْ، بَلْ وَعَرَضَهُ أَخْذًا مِنْ جَعْلِهِمْ إيَّاهُ عُذْرًا فِي الْجُمُعَةِ مَعَ كَوْنِهَا فَرْضَ عَيْنٍ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ لَهَا شِبْهَ بَدَلٍ وَهُوَ الظُّهْرُ، وَإِنْ كَانَتْ صَلَاةً مُسْتَقِلَّةً عَلَى حِيَالِهَا، ثُمَّ رَأَيْت بَعْضَهُمْ جَزَمَ بِأَنَّ الْعِرْضَ كَالْمَالِ وَعَلَى غَيْرِهِ بِأَنْ لَمْ يَخَفْ مَفْسَدَةً عَلَيْهِ أَكْثَرَ مِنْ مَفْسَدَةِ الْمُنْكَرِ الْوَاقِعِ، وَيَحْرُمُ مَعَ الْخَوْفِ عَلَى الْغَيْرِ وَيُسَنُّ مَعَ الْخَوْفِ عَلَى النَّفْسِ، وَالنَّهْيُ عَنْ الْإِلْقَاءِ بِالْيَدِ إلَى التَّهْلُكَةِ مَخْصُوصٌ بِغَيْرِ الْجِهَادِ وَنَحْوِهِ كَمُكْرَهٍ عَلَى فِعْلٍ حَرَامٍ غَيْرِ زِنًا وَقَتْلٍ وَلَوْ فِعْلَ مُكَفِّرٍ وَأَمِنَ أَيْضًا أَنَّ الْمُنْكَرَ عَلَيْهِ لَا يَقْطَعُ نَفَقَتَهُ وَهُوَ مُحْتَاجٌ إلَيْهَا، وَلَا يَزِيدُ عِنَادًا وَلَا يَنْتَقِلُ لِمَا هُوَ أَفْحَشُ مِنْهُ بِأَنْ لَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، وَإِنْ ظَنَّ أَنَّهُ لَا يَمْتَثِلُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَإِنْ نُوزِعَ بِنَقْلِ الْإِجْمَاعِ عَلَى خِلَافِهِ وَإِنْ ارْتَكَبَ مِثْلَ مَا ارْتَكَبَ أَوْ أَقْبَحَ مِنْهُ (الْأَمْرُ) بِالْيَدِ فَاللِّسَانِ فَالْقَلْبِ، سَوَاءٌ الْفَاسِقُ وَغَيْرُهُ (بِالْمَعْرُوفِ) أَيْ: الْوَاجِبِ (وَالنَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَرِ) أَيْ: الْمُحَرَّمِ، لَكِنْ مَحَلُّهُ فِي وَاجِبٍ أَوْ حَرَامٍ مُجْمَعٍ عَلَيْهِ أَوْ فِي اعْتِقَادِ الْفَاعِلِ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ الزَّوْجِ إذْ لَهُ شَافِعِيًّا مَنْعُ زَوْجَتِهِ الْحَنَفِيَّةِ مِنْ شُرْبِ النَّبِيذِ مُطْلَقًا وَالْقَاضِي؛ إذْ الْعِبْرَةُ بِاعْتِقَادِهِ كَمَا يَأْتِي، وَمُقَلَّدُ مَنْ لَا يَجُوزُ تَقْلِيدُهُ لِكَوْنِهِ مِمَّا يُنْقَضُ فِيهِ قَضَاءُ الْقَاضِي.
وَيَجِبُ الْإِنْكَارُ عَلَى مُعْتَقِدِ التَّحْرِيمِ وَإِنْ اعْتَقَدَ الْمُنْكِرُ إبَاحَتَهُ؛ لِأَنَّهُ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ حَرَامٌ بِالنِّسْبَةِ لِفَاعِلِهِ بِاعْتِبَارِ عَقِيدَتِهِ فَلَا إشْكَالَ فِي ذَلِكَ، خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَهُ، وَلَيْسَ لِعَامِّيٍّ يَجْهَلُ حُكْمَ مَا رَآهُ أَنْ يُنْكِرَهُ حَتَّى يُخْبِرَهُ عَالِمٌ بِأَنَّهُ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ أَوْ فِي اعْتِقَادِ الْفَاعِلِ، وَلَا لِعَالِمٍ أَنْ يُنْكِرَ مُخْتَلَفًا فِيهِ حَتَّى يَعْلَمَ مِنْ الْفَاعِلِ أَنَّهُ حَالَ ارْتِكَابِهِ مُعْتَقِدٌ لِتَحْرِيمِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ؛ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ حِينَئِذٍ قَلَّدَ مَنْ يَرَى حِلَّهُ أَوْ جَهِلَ حُرْمَتَهُ، أَمَّا مَنْ ارْتَكَبَ مَا يَرَى إبَاحَتَهُ بِتَقْلِيدٍ صَحِيحٍ فَلَا يَجُوزُ الْإِنْكَارُ عَلَيْهِ، لَكِنْ لَوْ نُدِبَ لِلْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ بِرِفْقٍ فَلَا بَأْسَ، وَإِنَّمَا حَدَّ الشَّافِعِيُّ حَنَفِيًّا شَرِبَ نَبِيذًا يَرَى إبَاحَتَهُ لِضَعْفِ أَدِلَّتِهِ؛ وَلِأَنَّ الْعِبْرَةَ بَعْدَ الرَّفْعِ لِلْقَاضِي بِاعْتِقَادِهِ فَقَطْ، وَلَمْ يُرَاعِ ذَلِكَ فِي ذِمِّيٍّ رُفِعَ إلَيْهِ لِمَصْلَحَةِ تَأَلُّفِهِ لِقَبُولِ الْجِزْيَةِ، وَالْكَلَامُ فِي غَيْرِ الْمُحْتَسِبِ، أَمَّا هُوَ فَيُنْكِرُ وُجُوبًا عَلَى مَنْ أَخَلَّ بِشَيْءٍ مِنْ الشَّعَائِرِ الظَّاهِرَةِ وَلَوْ سُنَّةً كَصَلَاةِ الْعِيدِ وَالْأَذَانِ، وَيَلْزَمُهُ الْأَمْرُ بِهِمَا، وَلَكِنْ لَوْ اُحْتِيجَ إنْكَارُ ذَلِكَ لِقِتَالِ لَمْ يَفْعَلْهُ إلَّا عَلَى أَنَّهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ، وَبِهَذَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُتَفَرِّقَاتِ كَلِمَاتِهِمْ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ الْبَحْثُ وَالتَّجَسُّسُ وَاقْتِحَامُ الدُّورِ بِالظُّنُونِ، نَعَمْ إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ وُقُوعُ مَعْصِيَةٍ، وَلَوْ بِقَرِينَةٍ ظَاهِرَةٍ كَإِخْبَارِ ثِقَةٍ جَازَ لَهُ، بَلْ وَجَبَ عَلَيْهِ التَّجَسُّسُ إنْ فَاتَ تَدَارُكُهَا كَالْقَتْلِ وَالزِّنَا وَإِلَّا فَلَا، وَلَوْ تَوَقَّفَ الْإِنْكَارُ عَلَى الرَّفْعِ لِلسُّلْطَانِ لَمْ يَجِبْ لِمَا فِيهِ مِنْ هَتْكِ وَتَغْرِيمِ الْمَالِ قَالَهُ ابْنُ الْقُشَيْرِيِّ وَلَهُ احْتِمَالٌ بِوُجُوبِهِ إذَا لَمْ يَنْزَجِرْ إلَّا بِهِ وَهُوَ الْأَوْجَهُ، ثُمَّ رَأَيْت كَلَامَ الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا صَرِيحًا فِيهِ.
تَنْبِيهٌ:
ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْأَمْرَ وَالنَّهْيَ بِالْقَلْبِ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ، بَلْ الْوَجْهُ أَنَّهُ فَرْضُ عَيْنٍ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُمَا بِهِ الْكَرَاهَةُ وَالْإِنْكَارُ بِهِ، وَهَذَا لَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ إلَّا فَرْضَ عَيْنٍ فَتَأَمَّلْهُ فَإِنَّهُ مُهِمٌّ نَفِيسٌ.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ مَعَ الْخَوْفِ عَلَى النَّفْسِ) لَمَّا تَكَلَّمَ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ فِي بَابِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ عَلَى مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ: أَنَّ أَوَّلَ مَنْ بَدَأَ بِالْخُطْبَةِ يَوْمَ الْعِيدِ قَبْلَ الصَّلَاةِ مَرْوَانُ؛ فَقَامَ إلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ: الصَّلَاةُ قَبْلَ الْخُطْبَةِ، فَقَالَ: قَدْ تَرَكَ مَا هُنَالِكَ فَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ: أَمَّا هَذَا فَقَدْ قَضَى مَا عَلَيْهِ إلَخْ، وَقَدْ يُقَالُ: كَيْفَ تَأَخَّرَ أَبُو سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ إنْكَارِ هَذَا الْمُنْكَرِ حَتَّى سَبَقَهُ إلَيْهِ هَذَا الرَّجُلُ ثُمَّ ذَكَرَ احْتِمَالَاتٍ فِي الْجَوَابِ مِنْهَا قَوْلُهُ: وَيُحْتَمَلُ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ كَانَ حَاضِرًا مِنْ الْأَوَّلِ، لَكِنْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ حُصُولَ فِتْنَةٍ بِسَبَبِ إنْكَارِهِ فَسَقَطَ الْإِنْكَارُ عَنْهُ، وَلَمْ يَخَفْ ذَلِكَ الرَّجُلُ شَيْئًا لِاعْتِضَادِهِ بِظُهُورِ عَشِيرَتِهِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، أَوْ أَنَّهُ خَافَهُ وَخَاطَرَ بِنَفْسِهِ وَذَلِكَ جَائِزٌ فِي مِثْلِ هَذَا، بَلْ مُسْتَحَبٌّ. اهـ.
(قَوْلُهُ: لِمَا هُوَ أَفْحَشُ) خَرَجَ الدُّونُ وَالْمُسَاوِي، لَكِنْ لَا يَبْعُدُ عَدَمُ الْوُجُوبِ فِي الْمُسَاوِي إذْ لَا فَائِدَةَ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: الْأَمْرُ بِالْيَدِ) اُنْظُرْ مَعْنَى الْأَمْرِ بِالْيَدِ وَالْقَلْبِ ثُمَّ وُجُوبَ تَقْدِيمِ الْيَدِ مَعَ كِفَايَةِ اللِّسَانِ الْأَخَفَّ، ثُمَّ رَأَيْت فِي التَّنْبِيهِ الْآتِي مَعْنَى الْأَمْرِ بِالْقَلْبِ ثُمَّ رَأَيْت الرَّوْضَ إنَّمَا ذَكَرَ الْيَدَ فِي النَّهْيِ، وَشَرْحُهُ مُشْعِرٌ بِكِفَايَةِ اللِّسَانِ فِيهِ إذَا حَصَلَ بِهِ زَوَالُ الْمُنْكَرِ، وَإِنَّمَا الْمُؤَخَّرُ عَنْ الْيَدِ مُجَرَّدُ الْوَعْظِ فَلْيُتَأَمَّلْ.
ثُمَّ رَأَيْت فِي كَلَامٍ نَقَلَهُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ عَنْ الْقَاضِي عِيَاضٍ فِي شَرْحِ الْحَدِيثِ مَا صُورَتُهُ: فَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّ تَغْيِيرَهُ بِيَدِهِ يُسَبِّبُ مُنْكَرًا أَشَدَّ مِنْهُ مِنْ قَتْلِهِ أَوْ قَتْلِ غَيْرِهِ بِسَبَبِهِ كَفَّ يَدَهُ وَاقْتَصَرَ عَلَى الْقَوْلِ بِاللِّسَانِ وَالْوَعْظِ وَالتَّخْوِيفِ، فَإِنْ خَافَ أَنْ يُسَبِّبَ قَوْلُهُ مِثْلَ ذَلِكَ غَيَّرَ بِقَلْبِهِ وَكَانَ فِي سَعَةٍ، وَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ بِالْحَدِيثِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. اهـ.
وَالْكَلَامُ قَدْ يَقْتَضِي وُجُوبَ الْوَعْظِ وَالتَّخْوِيفِ وَإِنْ لَمْ يَزُلْ الْمُنْكَرُ بِهِ وَهُوَ مُشْكِلٌ، وَحِينَئِذٍ فَقَدْ يُقَالُ: إنْ أَفَادَ ذَلِكَ زَوَالَ الْمُنْكَرِ فَيَنْبَغِي تَقْدِيمُهُ عَلَى الْيَدِ وَإِلَّا فَيَنْبَغِي عَدَمُ وُجُوبِهِ مُطْلَقًا، لَكِنْ قَضِيَّةُ قَوْلِهِ السَّابِقِ وَإِنْ ظَنَّ أَنَّهُ لَا يَقْبَلُ خِلَافَهُ.